الأزمة وتواريخها: ماذا حدث في مصر بعد انتهاء “السخرة”؟

الأزمة وتواريخها: ماذا حدث في مصر بعد انتهاء “السخرة”؟

تعيش مصر أزمة، يصفها عديد من الخبراء والمحللين بالأزمة الاقتصادية “المستوردة” إلى حد كبير، بسبب تأثير جائحة كورونا على سير الاقتصاد العالمي، ثم تبعات الحرب الروسية-الأوكرانية، وتعطّل سلاسل الإنتاج والتوريد، بجانب سياسات رفع الفائدة، التي انتهجها البنك الفيدرالي الأميركي، منذ آذار/مارس 2022، وتأثيراتها السلبية على اقتصادات، طالما جرى تسميتها بـ”النامية”.

تفترض هذه التحليلات وضعا، يكون أداء الاقتصاد فيه مدعوما بشكل طبيعي بمؤشرات النمو الاقتصادي، إلى أن تأتي عوامل خارجية غير متوقعة، لتؤثّر سلبا على هذا المردود الاقتصادي، ما يجعل الأزمة تبدو أقرب لمسألة تقنية، أي مجرد عطل أو خلل طارئ، يجري العمل على إصلاحه. في الوقت نفسه يغلب في وسائل الإعلام المصرية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، الغرق في توصيفات ومصطلحات اقتصادية، عن التضخّم، وعجز ميزان المدفوعات، والفرق بين التعويم المُدار والمرن، الخ. فضلا من عشرات الشروحات والتسجيلات المصوّرة، التي يظهر فيها الاقتصاد باعتباره لغزا محيرا، وليس مجالا لفهم الأزمة.

وفق هذه الصورة الملغّزة، تسقط المسألة الاجتماعية، والأمور المتعلقة بالأوضاع المعيشة، وسط فوضى الأرقام والإحصائيات، التي طالما جرى الاعتماد عليها، بوصفها دلالة عن التقدّم أو نجاح السياسات. كما تتقاطع هذه النظرة مع ما تراكم من أدبيات وخطابات، تختزل كل شيء، وتعيده إلى صيغ مثل “مصر محمد علي” و”مصر الناصرية” و”مصر مبارك”. وبقدر ما تبدو هذه الصيغ تبسيطية، تمنحنا صورة عن دلالة ومعنى “التغيير”، والمنخرطين في صناعته ضمن المخيّلة المصرية العامة، فبالنهاية يرتبط كل شيء بشخص أو فرد، يُنسب له، ويتحدد وفق تصوراته، مصير مجتمع بأكمله.

قد يلفت هذا الانتباه إلى مدخل آخر لتناول الأزمة المصرية الحالية، هو تعامل السلطات المتعاقبة مع مجتمع “مقطوع الرؤوس”، أي لا يحتوي على أي شكل من التنظيم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، المستقل بشكل نسبي عن جهاز الدولة، بشكل يجعل حالة الانفصال بين التوجهات الكبرى، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، وبين “الشعب” أو المواطنين، أمرا “طبيعيا”، يحكم العلاقة بين الدولة والمجتمع. الأمر الذي يمنح الدولة أدوار القيادة والمبادرة، وتحديد الصواب، وفقا لرؤية القائد/الزعيم، الذي يحمل بلدا بالكامل “على كتفه”، وهو التعبير الذي طال استخدامه على مر الحقب التاريخية، والذي يخبرنا بالفعل عن حجم المسئولية الملقاة على عاتق الزعماء؛ لكنه من ناحية أخرى يخبرنا عن النظرة إلى الشعب، والتي لم تتجاوز نظرة الأب لصغيره، الذي لم ينضج بعد، ولا يمكن إشراكه في تدبير الأمور.

وفق هذه التصورات، كانت الدولة دائما تخطط لـ”مشاريع قومية كبرى” لتحديث المجتمع، منذ “تصنيع” محمد علي، و”أوروبة” الخديوي إسماعيل، مرورا بـ”النهضة” في العصر الملكي،  ثم الانخراط في “التوجه الاشتراكي” الناصري، ومن بعده الانفتاح الاقتصادي الساداتي، و”عصرنة” مبارك، وصولا إلى يومنا الحالي، الذي يصعب أن نطلق وصفا مُرضيا لنمط “التحديث” فيه. افترضت هذه التحولات تغيرات مماثلة على صعيد المجتمع، بما يتماشى مع توجهات كل حقبة، وربما يكون هذا جوهر “المسألة الاجتماعية” في مصر، التي تظهر وتختفي حسب نمط التحديث الذي تريده الدولة. ما يجعلنا نتساءل: كيف تشكّلت تلك “المسألة” في كل محطة تاريخية؟ وهل كان المجتمع مفعولا به في كل تغيير يتم؟ ولماذا يغيب الحديث اليوم عن “مسألة اجتماعية” مصرية؟

نشأة مصر الحديثة: عندما هرب الفلاحون من قراهم

تقترن الرواية عن “مصر الحديثة” بصعود محمد علي باشا إلى السلطة عام 1805، وشروعه في حشد موارد البلاد، وإدخال صناعات جديدة، والعمل على تطوير الزراعة، وإنتاج محاصيل جديدة، وفرض الضرائب، وتجنيد الفلاحين لبناء قوة عسكرية، تمهيدا لغزو المناطق المجاورة، الأمر الذي يتوافق مع طموحات الوالي الجديد، بتأسيس إمبراطورية حديثة، يتتابع على حكمها وإدارتها نسله من بعده، ما أدى، بعد تقلّبات كثيرة، إلى نشوء ما عُرف بـ”الخديوية المصرية”، والتي أصبحت بمثابة دولة منتصرة، لأن حكام مصر من سلالة محمد علي أداروا البلاد، بدون أن يواجههم تحدٍ ذي قيمة، حتى ثمانينيات القرن التاسع عشر (1)

تمت جميع المشروعات والمنافع العامة، في “مصر محمد علي” عن طريق “السخرة”، فكان ما يزيد عن 400 ألف شخص يعملون لمدة شهور متواصلة كل عام، في حفر الترع وشق القنوات وتطهيرها، وبناء القناطر وإقامة الجسور وصيانتها، خصوصا في أيام الفيضان. ورغم أن أعمال الري هذه أدت إلى وفرة المياه والزراعة، إلا أنها أرهقت الفلاحين، حتى بعد عودتهم إلى بلادهم. تذكر أدبيات كثيرة أوصافا للطريقة التي أسهم بها الفلاحون في دفع عجلة التنمية في البلاد، لكن يجمع أغلبها على أنه عند القيام بأي مشروع عام، يُرسَل الجنود لمحاصرة القرى، والقبض على الفلاحين، الذين يكبّلون معا، ويساقون لمسافات طويلة، بعيدا عن قراهم وعائلاتهم، وكان من الاعتيادي رؤية فلاحين عراة يحفرون بأصابعهم ترعة ما (2)

بهذه الطريقة تأسس جانب كبير من نفور وكراهية الفلاحين للخدمة العسكرية. وما فاقم الأمور، وجعلها تسير بشكل أكثر سوءا، كان تنامي ظاهرة “تسحّب الفلاحين”، وهجرهم قراهم وأراضيهم، منذ عام 1810، حتى أصبحت كلمة “تسحّب” شائعة ومتداولة بشكل رسمي في خطابات المشايخ والعُمد وحكام الأقاليم، منذ عام 1836، ما أثّر على المردود الزراعي والإنتاجي بشكل عام، وعلى حالة الأراضي وأوضاع الفلاحين، التي عرفت عديدا من أوجه الحياة البشعة والمزرية (3)

تشكّل ما عُرف بـ”مصر الحديثة” إذن على قاعدة واسعة من البؤس الاجتماعي، المُقوّمة وفق تصور “الوالي القوي والمجتمع التابع”، منذ مطلع القرن التاسع عشر. ويمكن تلمّس جوانب “المسألة الاجتماعية”، وتحديد طبيعة النظرة للمصريين، ودورهم في التغيير الحادث، ومقدار ما ينتفعون به، في صيغة “عبيد إحسانات مولانا“. وسيظل التحديث، على أساس ترسيخ تبعية المجتمع للدولة، مستمرا مع الخديوي إسماعيل (4)، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (1863-1879)، الذي تزايدت طموحاته التنموية، بالاعتماد على مبدأ الاستدانة الخارجية، الأمر الذي لم يدعم الرؤية التحديثية لمصر، بقدر ما قوّى موقف رأس المال الأوروبي (البريطاني والفرنسي) ببناء اقتصاد زراعي في البلد، يعتمد على تصدير القطن، ويقدَّم للسوق العالمي، إلى جانب الأرض الزراعية المروية جيدا، خطوط تواصل واتصال، بين المركز الرأسمالي، وبقية البلدان المورّدة للمواد الخام في آسيا وأفريقيا، وذلك من خلال قناة السويس وميناء الإسكندرية وشبكة السكك الحديدية. وهو ما سيدفع البلاد لإعلان إفلاسها، ووقوعها تحت الوصاية الأوروبية، وصولا للاحتلال البريطاني.

التحديث و”المسألة الاجتماعية” كانا إذن فلاحين عراة جائعين، تحت سلطة لا تنجح، مهما سعت، في أن تصبح جانبا من “المركز العالمي المتحضّر”.

وسطاء وأفندية: هل لعب الزهر وتبدّلت الأحوال؟

برزت “المسألة الاجتماعية” أكثر في الفترة التي أعقبت الاحتلال البريطاني، فقد قُدّر الدخل القومي عام 1945 بمبلغ 502 مليون جنيه، ذهب منه ما يزيد على 308 مليون جنيه على هيئة إيجارات وأرباح وفوائد للرأسماليين وكبار الملّاك، بينما كان متوسط أجر العامل الزراعي في العام لا يزيد عن أربعة عشر جنيها، وفق إحصائيات عام 1950 (5) إلا أن المفكر المصري نزيه الأيوبي (6) يشير إلى دور “الفئوية” في تشكيل التقسيمات الاجتماعية، إذ توجد جماعات وسيطة، تعبُر الانتماءات الطبقية، وتقع بين الأفراد والدولة. تنقسم هذه الجماعات إلى نوعين: إما “طبيعية”، مثل الفئات الوسيطة القبلية/العائلية/الدينية، التي ميزت الوسطاء من الشيوخ والعُمد وحكام الأقاليم وأصحاب الامتيازات في عهد محمد علي؛ وإما مجتمعية، مبنية على العمل أو النشاط الاقتصادي أو المهني في الحقبة الناصرية.

أصبح “الأفندية”، في مطلع القرن العشرين، الناطقين والمدافعين عن الاستقلال المصري، وتأسست نقابة المحامين، وهي النقابة المصرية الأقدم عام 1912، ثم الجمعية الطبية المصرية في 1920، وهي سلف نقابة الأطباء، التي ستبصر النور عام 1940. ونال المهندسون الاعتراف بنقابتهم عام 1946، وهي الفترة نفسها التي تأسست فيها نقابة الصحفيين. وبهذه الصورة تكوّنت “المسألة الاجتماعية”، بوصفها مسألة وطنية.

وفق هذا السياق واصلت السلطة الناصرية تنظيم المجتمع فئويا، عبر إلغاء كل أشكال التعددية، لصالح صيغة “قوى الشعب العامل”. فوحّد جمال عبد الناصر الحركة النقابية العمالية، عبر فرض اتحاد لجمع ومركزة أكبر قدر من النقابات، وهذا الاتحاد مستمر حتى اليوم؛ ومن جانب آخر سعى لوضع النقابات المهنية في خدمة مشروعه الاجتماعي والسياسي (7)

توافرت مساحات جديدة للترقي الاجتماعي، الذي تقوده الدولة، بحسب الموارد المتاحة للفرد، نتيجة امتلاكه سمات محددة، مثل الشرف والهيبة والسمعة الطيبة والسيرة الحسنة، أي ما تمنحه السلطة من “رأسمال رمزي”، حسب تعبير عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو. وبالتالي أصبحت التنظيمات الاجتماعية والنقابات المهنية بمثابة مجال للبحث عن اعتراف السلطة، بدلا من الأدوار التي من المفترض أن تؤديها على المستوى السياسي والاجتماعي، ما جعلها تأطيرا قائما بالدرجة الأولى على التمايز الاجتماعي، لا ساحات للتضامن الطبقي والمهني، والبحث عن المشتركات الاجتماعية.

تبدّلت الظروف بالنسبة لغالبية المصريين، الذين لم يتسنّ لهم مراكمة رأس مال أو تملّك أراضٍ، ولكن سمحت لهم الظروف بأن يكونوا أكثر من فلاحين يتوارثون الفقر لأجيال، وصارت هناك إمكانية حقيقية للتغيير، عبر مراكمة قدر من الرأسمال الرمزي، وتعليم أولادهم في مدارس الحكومة، ثم الانخراط في الوظيفة الحكومية، والعبور إلى عالم الأفندية، الذي أصبح يتمدد أكثر، ومعه تنتشر وعود وأحلام جديدة، بإمكانية تبديل المواقع الطبقية والاجتماعية، أو بمعنى آخر “لعب الزهر، وتبدّلت الأحوال” بحسب المقولة الشعبية الشهيرة، لكن لم تستمر هذه الاستفادة الاجتماعية لأكثر من عقدين، وانقلب السحر على الساحر، إذ سيصبح المشروع الاجتماعي عبئا كبيرا على الدولة، التي أصبحت منذ السبعينيات تتحلل شيئا فشيئا من كل ما يربطها بالمسألة الاجتماعية، بالتزامن مع الانتشار العالمي لسياسات الليبرالية الاقتصادية.

بمرور الوقت، نشأت أجيال، عرفت وعاشت ظروفا جديدة من التغيير على مستويات عدة، منها فقدان كثيرين لإمكانية تحسين أحوالهم، بعد إخفاق مخطط دولة الرعاية الناصرية؛ كما تراجعت نسبيا قيمة عديد من الوظائف، التي اكتسبت وجاهة اجتماعية كبيرة من قبل، مثل المهندسين والأطباء والمعلمين؛ ما أدى إلى  تبدلات على مستوى القيم والركائز الاجتماعية، صاحبها تغلغل لمفاهيم الفردانية، وكسب المال بـ”الفهلوة”، وتطبيع الفساد، الذي أصبح سمة وآلية اجتماعية، تهدف إلى “تسليك الأمور”؛ كما لم يعُد “التسحّب” الفلاحي تصرّفا ناجما عن التمرد، مثلما فعل الفلاحون في عهد محمد علي، بل صار أمرا عاديا في الريف المصري، قدّمت له الدولة الدعم، حين فتحت باب الهجرة الخارجية لدول الخليج، أو حين غضت البصر عن نمو العشوائيات وتجمعات الفقراء على هوامش المدن.

هكذا صارت “المسألة الاجتماعية” بالتدريج، انقساما بين “مصر العشّة” و”مصر القصر”.  

الوضع التانتولوسي: ما الذي يحاصر المصريين فعلا؟

وفق هذا السياق، يتضح أن كثيرا من التغيير، الذي بدأ منذ تحديث القرن التاسع عشر، قد تم بدون مساهمة اجتماعية فعالة في صياغته، وبدون حد أدنى من بلورة أشكال وتنظيمات اجتماعية، ما أحال “الشعب”، وبخاصة طبقاته وفئاته المحرومة، إلى كائنات عاجزة في علاقاتها مع الدولة والمؤسسات، إذ تسيطر هي على حياته ولا يسيطر هو عليها، ويعمل في خدمتها، ويجد نفسه مضطرا إلى التكيّف مع واقعه، بدلا من العمل على تغييره؛ وإلى الامتثال للسلطات المهيمنة على حياته، بدلا من اتخاذ المبادرات، ولهذا يصبح الشغل الدائم له الصراع الذي لا ينتهي لتحسين أوضاعه المعيشية والمادية. كل هذا يجب أخذه في الاعتبار قبل الحديث عن تأثير الأزمات الاقتصادية “المستوردة”.

يتفاقم هذا الوضع أكثر لدى الفئات والقطاعات التي تُسمى “طبقة وسطى”، والتي أدى “انفتاحها على العالم”، على الطريقة المصرية، لجعل مخيّلتها منحصرة بنموذجين: النموذج الغربي للرفاهية والحقوق؛ ونموذج الرفاهية النفطية المفرط في الاستهلاك. يمكن تسمية هذا “بالوضع التانتولوسي” (8) نسبة إلى أسطورة “تانتولوس “الإغريقي، الذي حكمت عليه الآلهة بأن يقف أمام الماء، من دون أن يتمكّن من إرواء عطشه؛ وتحت أغصان مثقلة بالثمار، من دون أن يتمكّن من الوصول إليها. تفيد هذه المقارنة في وصف الشعور الذي ينتاب تلك القطاعات، بينما تجد نفسها وسط عالم لا تستطيع مجاراته، وتزداد فيه المسافة اتساعا، بين ما تراه من “تقدّم يحرزه الآخرون”، ورصيدها المتزايد من الإحباطات.

بهذه الصورة تبرز الأزمة المصرية باعتبارها في صلب التكوين الاجتماعي للبلد، الذي لم بفرز، طوال قرنين من تاريخه، أدوات وآليات تمكّنه من بلورة “المسألة الاجتماعية”. بالنسبة للكاتب المصري محمد نعيم، في سلسلة مقالات بعنوان “عن الذين صعدوا إلى الطبقة، والذين هبطوا منها”، فإن الضربات الاقتصادية والمعيشية الحالية ليست السبب في انهيار المكانة الاجتماعية، بل على العكس، تآكل رأس المال الرمزي هو ما أسس، ثم أفضى إلى وقوع تلك الضربات. كما يخلق ذلك التآكل حالة من السيولة الاجتماعية، التي تحرم الفرد من إدراك موقعه الاجتماعي بشكل متماسك؛ ولنشوء عوالم اجتماعية متوازية، تتمثل في ثنائية مصر/ايچيبت. تشير الأولى إلى أولئك الساقطين من حسابات الثروة والملكية، بجانب المهددين بتصفير أرصدتهم من رأس المال الرمزي، أما الثانية فتشير إلى “طبقة الواحد بالمئة”، التي عزلت حياتها في كمباوندات، ولغة جديدة، وطبيعة استهلاك تميزها عن أصحاب “التعليم المجاني”، الذي لم يعد استحقاقا اجتماعيا، بقدر ما أصبح مجالا للسخرية والتأفف الطبقي.

أوضح شواهد الأزمة إذن، تلك المتعلقة بـ”المسألة الاجتماعية”، وموقعها على أجندة الأولويات. فالخطر الحقيقي الذي يضرب المجتمع المصري منذ عقود هو هشاشة الأوضاع الاجتماعية، التي تحول بين الفرد وشعوره بالاستقرار، وتجعله لا يتلمّس مردودا مؤثرا على وضعه المادي والمعنوي، حتى في ظل تغيرات وتبدّل سياسات، طالما تم الترويج لها بأنها تعمل على تطوير الفرد، وتحسين وجوده الاجتماعي.

من جانب آخر، فإن الأزمات مجال لاختبار الروايات والسياسات، وفي الوقت الذي يدور فيه الحديث عن حلول عاجلة لأزمة نقص الدولار، ومنها صفقات بيع الأراضي والممتلكات العامة والأصول التي تملكها الدولة، أو الانخراط في اتفاقات جديدة للاستدانة من المؤسسات المالية العالمية، يبقى السؤال: ما هي الصفقات التي تعوّض فقدان كثيرين للأمل في تحسين أوضاعهم ومواقعهم الاجتماعية؟

ربما لا حديث فعلي عن “مسألة اجتماعية” مصرية اليوم، لأن أحدا لا يستطيع بالفعل مواجهة هذا السؤال الصعب.

المراجع

(1) الدولة والمجتمع في مصر الحديثة، عمرو عادلي وناثان براون

(2) الدولة والمجتمع في مصر في القرن التاسع عشر، زين الدين شمس الدين نجم

(3) نفس المصدر السابق

(4) صناعة التبعية، رضا هلال

(5) جماعة النهضة القومية، رءوف عباس

(6) الدولة المركزية في مصر، نزيه الأيوبي

(7) أزمة الطبقة الوسطى في المشرق العربي، إليزابيث لونغليس

(8) المجتمع العربي في القرن العشرين، حليم بركات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 2 أصوات
تقييم المقالة
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات