أقرّت الحكومة الهندية، برئاسة ناريندار مودي، عن حزب بهاراتيا جانتا (BJP)، في أيلول/سبتمبر من العام 2020، مجموعة من القوانين، الخاصة بقطاع الزراعة، أثّرت بشكل مباشر على حياة ملايين الفلاحين في عموم الهند. وبنظرة متفحّصة لمجموعة التشريعات، تبيًّن أن حكومة مودي تُحاول تسليم القطاع الزراعي في البلد إلى شركات القطاع الخاص، من أجل خصخصة الأراضي والمحاصيل بطريقة غير مباشرة. إذ يهدف القانون إلى رفع التنظيم الحكومي للمحاصيل الزراعية، لحساب تعامل الفلاحين بشكل مباشر مع الشركات المُنتجة والمُصدّرة، وما تطلبه من تحديد أنواع معينة من المحاصيل وكمياتها؛ وفي المقابل يلغي القانون كل العوائق المفروضة على حق الشركات الخاصة في تملّك الأراضي ومراكمتها.
هذه القوانين دفعت جموع المزارعين الصغار، والذين يشكلون حوالي 50% من العاملين بالزراعة في الهند، إلى الإضراب العام، وهو الإضراب الأكبر في التاريخ الحديث، إذ دعت النقابات والاتحادات العمالية في الهند ما يزيد عن 250 مليون عامل إلى تعطيل الاقتصاد، والانضمام لمطالب الفلاحين.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، دعت اتحادات الفلاحين في إقليمي البنجاب وهريانا إلى الزحف إلى العاصمة نيودلهي، لتتحرك الي قلب المدينة عشرات ألاف الجرارات والشاحنات، وينفّذ العمال والفلاحون اعتصاما، دام لحوالي العام، في مدينة “نيرانكاري” شمال غربي نيو دلهي. وعلى الرغم من محاولة الشرطة مواجهة المحتجين بقنابل الدخان وخراطيم المياه، ما أدى لوفاة ما يقارب عشرين معتصما، إلا أن المحتجين نجحوا في السيطرة على المدينة، وجلب تضامن شعبي واسع حتى خارج حدود الهند. ما أدى في عام 2021 إلى تراجع رئيس الوزراء عن قراراته، لأول مرة في تاريخه، منذ توليه المنصب في عام 2014، وإلغاء التشريعات الزراعية التي أقرها.
تصف جريدة “غارديان” البريطانية رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي، بـ”الرجل القوي”، الذي لم يتراجع أو يعتذر ولو لمرة واحدة منذ توليه السلطة، رغم بشاعة سياساته وأثرها الاجتماعي السيء. ففي العام 2016 مثلا قام بإلغاء ملايين العملات، ومنعها من التداول، دون تحذير المواطنين؛ كما أنه لم يتراجع بعد عن مواقفه العنيفة تجاه مسألة كشمير؛ أو حتى عن تغييره قانون الجنسية المُتحيّز ضد المسلمين، والذي أدى لاضطرابات اجتماعية وطائفية في طول البلاد وعرضها. ما جعله يتراجع عن موقف ما، في الهند كلها، هو تكاتف العمال المنظمين وغير المنظمين في وجه سياساته. وهكذا تبرز الحركة العمالية الهندية، بوصفها أحد أهم العوامل السياسية على مستوى ذلك البلد، الذي يزيد تعداده عن المليار وأربعمئة مليون نسمة، وقد تكون نموذجا لنمط جديد من العمل السياسي على المستوى العالمي.
إلا أن الصورة ليست وردية أبدا بالنسبة للعمال والفلاحين الهنود، إذ أتى احتجاج الفلاحين وسط تفاقم وباء كورونا، وما تبعه من أزمة اقتصادية، أدت الي تصاعد معدلات الانتحار في الهند بشكل دراماتيكي عام 2021. وقد أكد مركز الصحة العقلية في الهند ارتفاع معدلات الانتحار المُسجّلة إلى 12 حالة لكل 100 ألف نسمة، بعد أن كانت ما يقارب 9 خلال عام 2019. وأُرجع أهم أسباب هذا الارتفاع إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، الناتجة عن تلاقي الوباء مع الوضع الاقتصادي، الذي فرضته حكومة ناريندار مودي، والتي عملت، منذ اللحظة الأولى لتوليها السلطة، على دفع عجلة خصخصة كل مقدرات الدولة، ووضع ملايين الهنود في ظروف اجتماعية قاسية. ويوضح التقرير أن ما يزيد عن 50% من المنتحرين، منذ عام 2019، هم من العمالة غير المنتظمة وربات البيوت، و95% منهم من غير المتعلمين أو غير الحاصلين على شهادات عليا. وهو ما يفسّر تكاتف الملايين من صغار المزارعين، وغيرهم من العمال، لمدة شهور ضد الحكومة. إنهم يقاتلون لأجل الاستمرار بالحياة بكل بساطة.
يجعل هذا من خيار “العمل أو الموت” أساسيا في حياة كل هندي. و”العمل” هنا قد يعني كثيرا من الأمور، منها مثلا الشغل بدون حقوق، وفي ظروف “قاتلة” بكل معنى الكلمة؛ أو الاندفاع نحو مغامرات غير مأمونة العواقب، مثل تزاحم عشرات العمال الهنود على مكاتب التوظيف للعمل في إسرائيل، بديلا عن العمال الفلسطينيين، بعد اندلاع حرب غزة؛ يمكن أن يعني “العمل” أيضا انتظام البشر، بعد أن وعوا أنفسهم بوصفهم عمّالا مستغلين، ليشكلوا قوة سياسية مهيبة، تُخضع أعتى الحكومات اليمنية. يبدو نموذج العمل الهندي إذن شديد الدلالة في عالمنا المعاصر. هل سنصبح جميعا “هنودا” في المستقبل، مخيرين بين “العمل” بأي شكل، وتحت أي ظرف، أو الموت؟ وهل يمكن للحراك العمالي الهندي أن يلهمنا في مواجهة هذا المصير؟ وما أهم إنجازات، وأيضا أزمات هذا الحراك؟
المستقر والمؤقت: لماذا تفشل نقابة بعشرات ملايين الأعضاء؟
منذ العام 1991 وحتى 2022 عرفت الهند ما يقارب واحدا وعشرين إضرابا عاما، دعت لها هيئات وتجمعات ونقابات عمالية، أشهرها “الاتحاد المركزي للنقابات العمالية” (CTUO). وفي نموذج النظام الديموقراطي الهندي، تحتل التنظيمات العمالية الرسمية موقعا معترفا به، بوصفها جسرا يربط بين الحكومة، ممثلة في وزارة العمل والتوظيف، وبين ملايين العمال المنتشرين في جميع انحاء البلد.
تسارعت وتيرة الخصخصة في الهند، ومعها القوانين المعادية للعمال، التي تنزع عنهم الحقوق، التي يضمنها قانون العمل في القطاع العام، ما دفع الاتحاد المركزي للنقابات، منذ عام 2010، لتوسيع قاعدته الشعبية، وضم أعضاء جدد، في قطاعات صناعية وزراعية وخدمية أخرى خارج القطاعات الرسمية، من أجل الضغط الفعّال وحماية حقوق العمال. وقد كان لهذه الخطوة أهمية كبيرة، في سياق النشاط النقابي العالمي المعاصر، فهي بدأت بجمع العمال المستقرين مع العمال المؤقتين وغير المستقرين، وهما طرفان يكون بينهما عادة نوع من التنافس وتضارب المصالح. وهكذا قدّمت التجربة النقابية في الهند، البلد المليء بالعمالة غير المستقرة، نموذجا شديد الأهمية للنقابات حول العالم، بنجاحاته وأزماته.
مع توسّع نفوذ الاتحاد المركزي للنقابات، ودعوته لإضرابات عامة متعددة، مثل إضراب 28 و29 آذار/مارس من العام 2022، الذي انضم له 200 مليون عامل، وجد الاتحاد نفسه في مفارقة، نتيجة سياساته نفسها في جمع العمال المستقرين وغير المستقرين. فمن ناحية نجح في تحقيق حالة تضامن وانتساب واسعة، لكنه فشل في التأثير، لأن أقل من 50% من العمال شاركوا مشاركة إيجابية في الإضرابات، فيما كانت مساهمة العمال المؤقتين أو المتدربين أو العمال بعقود أضعف، وهؤلاء يشكون نسبة أكثر من 50% من القوى العاملة، ومحرومون من كل إمكانيات التنظيم، ولا يجرؤون حتى على الاعتراض، والانضمام بشكل علني لأي إضراب، حتى لا يتعرّضوا للفصل التعسفي، والعودة إلى صفوف جيش العاطلين عن العمل.
تجد الحركة النقابية الهندية نفسها إذن في مواجهة معضلة، فمن ناحية تسعى إلى توسيع نفسها، لتشمل كل فئات العمال، إلا أن هذا التوسيع نفسه هو ما يضعف تأثيرها؛ ترى أن من صلب عملها الاعتراض على ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة أسعار السلع والخدمات، إلا أن هذا بالتحديد ما يُبعد فئات متعددة عن المشاركة الفاعلة معها، لأن تلك الفئات تجد نفسها في تلك الظروف تحت خطر الإقالة، والاستغناء عنها بمنتهى السهولة، ودون أية قيود.
ولحل تلك المعضلة، توجّه اتحاد النقابات إلى تنظيم إضرابات سنوية، تحاول العبور فوق العوائق البنيوية والتنظيمية في الحركة العمالية، نظرا لتباعد القطاعات العاملة وتنوّعها، ورغم ذلك لم ينجح غالبا في الضغط على الدولة، أو حتى إلغاء القوانين المعادية للعمّال، وبدت الحكومة وكأنها غير مهتمة بأكبر تنظيم عمالي في العالم، والذي يتجاوز عدد أعضائه عشرات الملايين، وقادرٌ على تنظيم إضرابات عامة في أي وقت من العام. بل أخذت تمضي في خطتها لخصخصة المؤسسات والمصانع والشركات العامة، وفرض قوانين جديدة للمعاشات، تقلل من حقوق العمال كبار السن.
وحده انتصار الفلاحين والعمال عام 2021 كان الاستثناء، الذي ما يزال كثيرون يعوّلون على تكراره.
العامل المهاجر: كيف تؤثر خرائط العمل الجديدة على السياسة؟
تواجه النقابات العمالية في الهند، مثل نظيراتها في كافة دول العالم، شرطا مُستجدا، وهو تغيُّر ظروف العمل، ويمكن اعتبار هذا السبب الأول لتراجع فعاليتها السياسية. فمع انحدار الحماية الاجتماعية، وتقدّم القطاع الخاص والشركات الاستثمارية، فقد الاتحاد المركزي للنقابات CTUO، منذ العام 2008، ما يقارب 50% من قوته الفاعلة، التي لم تعد عمالة في القطاع العام، وتحولت الي القطاع الخاص غير الرسمي، بنسبة 41.7%. وتصاعدت هذه النسبة، خلال السنوات الماضية، لتصبح أكثر من 50%. هذه الطبيعة الجديدة للعمل، حرمت العمّال المتعاقدين في القطاع الخاص من الحيثية القانونية، فهم غير محددين بوصفهم موظفين أصلا، من ثم لا يمكنهم الانضمام لأية نقابة؛ الأمر نفسه ينطبق على المتدربين، الذين لا يعتبرون موظفين في أي شركة، رغم أن عملهم أساسي في القطاعات المختلفة؛ أما العمال الثابتون، فيمكن طردهم بمجرد انضمامهم لأي إضراب، أو تشكيل نقابة خاصة بهم.
من جهة أخرى فإن القانون في الهند يضمن تشكيل نقابة في المؤسسات التي تزيد قوتها العاملة عن 50 عاملا، بينما نسبة المشاريع والمؤسسات الصغيرة، التي يقلّ عدد عمالها عن 50 عاملا، تبلغ 71% من كامل المؤسسات الصناعية، ما يترك للعمال خيارا وحيدا، وهو الانضمام للنقابة العامة، وعدم انشاء نقابة خاصة بهم، الأمر الذي يُضعف من قدرتهم على التفاوض مع المديرين والسياسيين.
أما السبب الثاني، الذي أفقد الحركة العمالية في الهند كفاءتها في طرح مطالبها سياسيا، فهو التوزع الجغرافي غير المتماثل في زمن الخصخصة، إذ تتجه الشركات والمصالح الاستثمارية الأهم للتمركز داخل المدن الكبيرة، لتحظى بالخدمات والدعم الحكومي والإعفاء الضريبي، بينما يأتي العمال من مناطق متباعدة في الهند، ويوصفون بأنهم “عمال مهاجرون”، وقد وصلت نسبة هؤلاء من القوى العاملة بين 80% و90%.
وبما أن سياسات الخصخصة تخلق حالة من التضخّم، وارتفاع أسعار البضائع والخدمات، يقيم العمال إقامة مؤقتة بالقرب من المصانع والشركات، لعدم قدرتهم على تحمّل تكلفة الإقامة الدائمة، بسبب انخفاض أجورهم، وفي النهاية يعودون إلى مقاطعاتهم، حيث عائلاتهم وتواجدهم السياسي المُحدد. وكل هذا يضعف التمثيل السياسي للعمال في البرلمان، ويحرم تنظيمهم داخل المدن من تحقيق أي تأثير حقيقي فاعل، لتظهر ممارساتهم وكأنها ممارسة “ناشطية”، ذات هدف اعتراضي وإعلامي فقط، ما يُمكّن الحكومة من ممارسة أجندتها الاقتصادية والسياسية والإعلامية، وتجاهلهم بوصفهم مخربين، أو متعاونين مع العدو (باكستان)، أو ذوي مطالب فئوية وليس سياسية.
الصين الجديدة: هل يمكن للنمو أن يستمر على أجساد العمّال؟
التناقضات التي تواجهها الحركة العمالية الهندية لا تقتصر فقط على العوامل الذاتية، بل هنالك تناقض آخر موضوعي، في بنية المؤسسات المانحة والمستثمرة في المراكز الرأسمالية العالمية الكبرى. فحكومة مودي تقّدم نفسها بوصفها قاطرة النمو الأولى في الجنوب العالمي؛ والهند، في نظر تلك المؤسسات، هي الصين الجديدة، مع معدلات نمو تفوق 5% وتصل حتى 9%. يساعد في ذلك أن الهند خارج مجال التنافس الاستراتيجي الأميركي-الصيني، ولديها طبقة عاملة رخيصة للغاية، حتى بالمقارنة مع الصين، لذلك يعتبر مؤشر النمو عنوانا كبيرا، تبرّر تحته الحكومة سلوكياتها وسياساتها.
لكن ما لا يخبرنا به مؤشر النمو، هو أنه منذ بداية حركة الخصخصة في التسعينات، اتجهت فجوة الدخول إلى الاتساع مرة بعد أخرى، حتى وصلت الي أقصى معدلات اللامساواة مؤخرا، ففي العام 2016 جاءت الهند في المركز الثاني، بعد دول الشرق الأوسط، في مؤشرات عدم المساواة، وحققت فيها فئة 1% من السكان دخلا بما يزيد بنسبة 22% عن بقية الـ99% من السكان؛ كما يملك 5% من الهنود نسبة 60% من الثروة، وتمتلك نسبة 50% من الشعب 3% فقط. بحسب تقرير منظمة “أوكسفام”.
حالة اللامساواة هذه، تفاقم معاناة قطاعات واسعة من الفقراء، وتهدد الأغلبية في الطبقات الوسطى، المنوط بها تحقيق معدلات النمو، ما يضع الطبقة العاملة الهندية في حالة مستمرة من الإحساس بالخطر وعدم الاستقرار، ويجعلها تنظّم احتجاجات دورية. ويمكن ملاحظة أن تلك الاحتجاجات نجحت، في حالة إلغاء القانون الزراعي، على وقع تسجيل معدلات نمو منخفضة للغاية في عام 2020، وحاجة حزب بهاراتيا جانتا الحاكم لتحقيق نجاح انتخابي محلي، والحفاظ على صورته الخارجية في الوقت نفسه.
تعطينا هذه التناقضات، الخارجية والداخلية، لمحة عن تغيُّر ظروف العمل في بلدان الجنوب، والصعوبات التي تواجه إمكانيات التنظيم العُمالي، بدايةً من الهند، البلد شديد الكثافة السكانية، وصاحب النقابات القوية، والذي يمكنه أن يصبح الصين الجديدة في العقود القادمة؛ وصولا لبلدان الجنوب الافقر، مثل باكستان ومصر ونيجيريا. وهذه الحالة لا تتعلق فقط بدول الجنوب، بل قد تمتد أيضا إلى دول الشمال الأكثر ثراء، التي تُعاني طبقاتها العاملة اليوم أيضا، وتخرج للتظاهر والاضراب بصفة دورية، مثل إضرابات النقابات العمالية والجمعيات الفلاحية في ألمانيا وفرنسا وغيرها.
وسط هذه الصورة المعقدة، يبدو الحراك العمالي في الهند شديد الدلالة، ونجاحه في تجاوز تناقضاته وأزماته يمنح أملا للحركات العمالية حول العالم، خاصة في البلدان الفقيرة، والمليئة بالعمالة الرثة؛ أما فشله فسيزيد قتامة المشهد، وربما قد يُنبئ بأن الانفجارات الاجتماعية العشوائية، التي عرفنا أمثلة كثيرة عنها في الدول العربية، هي مستقبل العالم في العقود القادمة.
نعم، نحن أمام خيار هندي: إما “العمل”، القادر على فرض نفسه سياسيا؛ أو أشكال متعددة من “الموت” الاجتماعي والثقافي.
المراجع
- Low turnout for India’s national two-day strike as 50 million join protests | Global development | The Guardian
- ‘The strongman blinks’: why Narendra Modi has backed down to farmers | India | The Guardian
- India: Unions oppose agricultural reforms for empowering large agribusinesses while pushing small scale farmers further into debt and precarity – Business & Human Rights Resource Centre (business-humanrights.org)
- In India, 5% own more than 60% of country’s wealth: Oxfam report | Business News – The Indian Express
- India protests: Workers and farmers demand better conditions (youtube.com)
- UNU-WIDER : Policy Brief : Inequality in India on the rise
- Is economic distress causing a spike in suicide deaths in India? – The Hindu BusinessLine
- India GDP 1960-2024 | MacroTrends
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.