جدل “تكوين”: ما الذي يحدث في مصر بعد مئتي سنة “نهضة”؟

جدل “تكوين”: ما الذي يحدث في مصر بعد مئتي سنة “نهضة”؟

في الرابع من أيار/مايو تم الإعلان عن تدشين مؤسسة “تكوين”، باعتبارها منصّة ثقافية لنشر التنوير في العالم العربي، بمجلس أمناء يضمّ عددا من الشخصيات والكُتّاب، الذين وصفهم موقع المؤسسة الإلكتروني بكونهم “مشهورين بإثارة الجدل”. كما تذكر المؤسسة أنها تقوم على تطوير خطاب التسامح، وفتح آفاق الحوار، والتحفيز على المراجعة النقدية، وطرح الأسئلة حول المسلّمات الفكرية، وإعادة النظر في الثغرات، التي حالت دون تحقيق المشروع النهضوي، الذي انطلق منذ قرنين.

أثار انطلاق المؤسسة بالفعل جدلا قويا، لكنه لم يتعلّق بمحتوى أو مضمون فكري، بقدر ما اقتصر الأمر على تحشيد وتجييش مضاد، يهدف لإغلاق المؤسسة. وبالفعل تحركت بلاغات من مصطفى بكري، عضو مجلس النواب المصري، والمتحدث الرسمي لـ”اتحاد القبائل العربية”، الكيان الغامض المؤسَّس حديثا، الذي يرى في تأسيس “تكوين” إثارة للفتنة، وتهديدا للثوابت المجتمعية. كما أقام المحامي الشهير مرتضى منصور دعوى قضائية، تطالب بإلغاء الترخيص الصادر من وزارة التضامن المصرية، بإنشاء ما وصفه “بتكوين الملحدين المشبوه”.

وبعد أيام قليلة، انتشرت صفحة على موقع فيس بوك، تحمل اسم “تحصين“، على يد مجموعة، تعلن عدم انتماءها لأي حزب أو جماعة، وتحظى بمتابعة أكثر من 400 ألف حساب على فيس بوك، والغرض منها، على حد قول مؤسسيها، تجميع ردود العلماء والمشايخ، بصدد الشبهات المثارة عن مؤسسة “تكوين”.

وبين ” تكوين” و”تحصين” ظهرت عديد من الآراء، بين من يشكِك في نوايا الأولى، ومن يرون “تحصين” تتعدى دور المؤسسات الدينية التقليدية، وعلى رأسها الأزهر. بينما تؤكد آراء أخرى على استحالة الحديث عن ” التنوير”، في ظل ” الاستبداد السياسي”. وسط كل هذا يبدو أن السؤال ليس “ما العمل”؟ بل بالأحرى “ماذا يحدث”؟

يُذكّر هذا بقسٍ بروتستانتي مغمور، من أهالي برلين، كتب مقالا يدافع فيه عن الزواج الديني، ضد الأصوات التي يبدو أنها كانت قد ارتفعت حينها، باسم التنوير، للدعوة إلى الاكتفاء بالزواج المدني، والاستغناء عن بركة الكنيسة. وظهر المقال، بما حواه من هجوم شديد على التنوير وأدعيائه، في أيلول/ديسمبر 1783، إلا أن أهم ما جاء فيه تعبير القس عن حيرته إزاء مفهوم “التنوير”، وبحثه عبثا عن إجابة على هذا السؤال المهم: ما التنوير؟ وبعد عام انبرى الفيلسوف الألماني الشهير إيمانويل كانط، للرد على هذه الملاحظة الهامشية، التي طرحها القس، في نصه الشهير “ما التنوير؟”

ربما يمنع البعد الزمني، واختلاف السياقات السياسية والاجتماعية، من عقد مقارنة بين تلك اللحظة الأوروبية، ولحظتنا العربية الراهنة، إلا أن ما يمكن استدعاؤه هو تلك الحيرة، بصدد تحديد معنى التنوير ومفهمومه، ما يجعلنا نتساءل بالتالي عن الطريقة التي دخل بها مفهوم “التنوير” إلى ثقافتنا؟ وهل هناك معنى واضح لما يعنيه التنوير؟ وما حال وطبيعة الفاعلين والمؤثرين في صياغة هذا المفهوم؟

مرآة الأنا: لماذا لم نعرف “ما التنوير”؟

مثّلت سنة 1798في تاريخ مصر والعالم العربي منعطفا حاسما. إنها لحظة انقطاع بين عصر ما قبل الحملة الفرنسية وما بعده. فلقد سادت في مصر قبل الحملة، نظرة شمولية ولاهوتية للعالم، تهيمن فيها الإرادة الإلهية بشكل مباشر على الشؤون الدنيوية كافة. بالتالي لم يكن المصريون سوى “رعايا للسلطان”، لم يتمتعوا بعد بضمير ذاتي مستقل، بل اعتبروا ألا سيطرة لهم على موقعهم ودوره في النظام السياسي والاجتماعي. كما لم يظهر الكيان المصري، بوصفه حيزا لهوية جماعية واعية، بل انتمى المصريون إلى جماعات تقليدية منغلقة على نفسها (1).

فجّرت الحملة الفرنسية زلزالا داخل مكونات المجتمع المصري كافة، وقد أتيح لمن تقرّب من الفرنسيين، والحوار معهم، قياس المسافة الدنيوية، التي تفصل المجتمعين، الفرنسي والمصري. فكان ما اكتشفه المصريون غير قابل للتصور حتى ذلك الحين، ورغم غرابة الملاحظة، وتعذّر تعليلها، إلا أنهم عرفوا مجتمعا يعيش ويفكر ويفعل، بدون أن يرجع إلى كلام الله، كما لو كانت الشؤون الدنيوية قابلة للانفصال عن السماء (2).

كان المحكومون المصريون قد عاشوا، حتى ذلك الوقت، في حالة قريبة من انعدام الوزن، ولكي يكتسبوا إحساسا بالانتماء المشترك إلى حيز أوسع من الجماعات التقليدية، ومؤسَّس على وحدة اللغة والتاريخ والثقافة والسوق، احتاجوا إلى الطفرة الكيفية للكيان الاقتصادي والاجتماعي، التي قامت بها دولة محمد علي، والتي أدت للظهور التدريجي لأفراد يتمتعون بالاستقلالية الذاتية، وقادرين على تحمّل مسئولية أفكارهم وأفعالهم، في الحياة الخاصة والعامة.

بعد سنوات، وتحديدا في عام 1826، ستظهر آثار “الرجّة الوجودية”، ومعها معانٍ جديدة عن صورة الذات وعلاقتها بالآخر والعالَم، في رحلة الشيخ المصري رفاعة رافع الطهطاوي إلى باريس، ضمن بعثة علمية رسمية من قِبل الوالي محمد علي، وستبرز أولى إرهاصات تناول سؤال: “ماذا يحدث؟” في انطباعات عالم أزهري، وقع تحت تأثير الصدمة الحضارية. وستصبح الغاية ليست وصف الآخر، بل قراءة “الأنا” في مرآته، إذ أن الغرب عند الطهطاوي هو المرآة المثالية، التي تنعكس فيها عيوب الذات، ولم يصبح في ذاته موضوعا للدراسة (3).

في هذه الفترة التاريخية، لم يدخل مفهوم “التنوير” حقل الاستخدام الثقافي بعد، إلى أن جاء النصف الأخير من القرن التاسع عشر، حين طرأ متغيران مهمان في  المجتمع المصري. فمن ناحية توالى ظهور الصحف الأهلية، مثل  “وادي النيل”، و”روضة الأخبار” و”الأهرام” و”حقيقة الأخبار” و”الوطن”، فالمطابع والصحف لم تكن معروفة قبل الحملة الفرنسية على مصر (4)؛ ومن ناحية أخرى نشأت أول “طبقة متوسّطة” مصرية، عانت من عمق الصدام بين الإسلام والحضارة الحديثة، وشعرت بضرورة التوفيق بينهما، لحماية المجتمع الإسلامي من الانفصام، الذي بدأ يتسرّب إليه (5).

وبينما كان الجيل الأول من المفكرين، مثل الطهطاوي ومحمد عبده، متمسّكين بالإصلاحية الإسلامية، معتزين بثقافتهم، رغم الانبهار بالآخر الثقافي، وما راق لهمم من سمات في الثقافة الأوروبية؛ نجد الجيل الثاني، مثل أحمد لطفي السيد وقاسم أمين وطه حسين، يجهر بانحيازه لثقافة الآخر الأوروبي، جازما أن التقدّم والنهضة يكمنان في اتباع الآخر، والقطيعة مع الأنا. وبالرغم من الوصول إلى ما بات يعرف بـ”الحقبة الليبرالية” في مصر، والتي طبعت العقود الأولى من القرن العشرين، حتى ثورة تموز/يوليو 1952، وانتشار الجدال بين ليبراليين وإسلاميين ويساريين وماركسيين، وتبلور رؤى وأطروحات حول السؤال المحوري: “ماذا يحدث؟”، إلا أن مفهوم “التنوير”، وما يعنيه، والصراعات على تحديد هوية المجتمع، إسلامي أم عربي أم قومي مصري، كل هذا كان بانتظار صيغة توفيقية، أو بمعنى أدق، صورة من صور الحسم، ستعلن عن نفسها عقب منتصف القرن العشرين.

التنوير الحكومي: هل استطاعت “وزارة الإرشاد القومي” التوفيق بين المتناقضات؟

عندما زار الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر مصر في 1967، كان من أبرز ملاحظاته عن التجربة الناصرية، القول: “نادرا ما رأيت مثل هذا الحذر، ومثل هذا الاهتمام بالتوفيق بين كل المصالح، التي تتعارض في كثير من الأحيان” (6).

يتناول المفكر المصري أنور عبد الملك هذا الإشكال السياسي والاجتماعي والثقافي، ويعلله على النحو التالي: “من المهم أن نرى بوضوح طبيعة العوائق، التي جعلت كل شيء أكثر صعوبة، بالنسبة للقيادة والجماهير على حد سواء. كانت المسألة مسألة شلل الجدل الاجتماعي. لم يكتف الحكم العسكري ببناء الاشتراكية دون اشتراكيين، بل رفض قطعا، في مجالات الحياة الاجتماعية كلها، من المجال الاقتصادي حتى المجال الأيديولوجي، أية مواجهة جدلية بين الأضداد، فارضا بالقوة طرق التطور ومنظوراته من ناحية، ومن ناحية أخرى تجميد أي جدل فكري بشأن هذا التطور” (7).

ونتيجة لذلك تراوحت الاتجاهات الفكرية، التي انتسبت للناصرية، أو اعتبرت الناصرية تعبيرا عنها بشكل ما، من الاتجاه الديني المعتدل، إلى الاتجاه المثالي المحافظ، مرورا بالاتجاه الليبرالي العلماني، وصولا إلى الاتجاه الماركسي. وإذا كانت بعض هذه الاتجاهات أقرب إلى الروح الحقيقية للناصرية من بعضها الآخر، فإنه لم يكن ثمة معيار فكري، يمثّل اطارا صالحا للفصل بين ما يقع داخل الناصرية وخارجها. وبهذا الشكل مثّلت الناصرية إطارا مرحليا توفيقيا (8)، وبالرغم من تعالي بعض الأصوات المتسائلة، التي تحمل معنى الحيرة والشك: ما علاقة الدين بالدولة؟ ما اشتراكيتنا؟ ما طبيعة أيدولوجيتنا؟ وما محتواها؟ إلا أنه سرعان ما كانت تجد من يضع لها الإجابات، ذات الصيغ التوفيقية، التي تتعايش فيها النقائض، دون أن ينفي أحدها الآخر، بالتالي كانت الأطر والصياغات الفكرية، التي مدّت النظام نظريا، مصممة بالأساس لوقف عملية الجدل الاجتماعي.

تمثّل الحقبة الناصرية، بهذه الطريقة، نقلة نوعية للقفز على الحيرة التي طرحها سؤال: “ماذا يحدث”؟ نحو تحديد “ما العمل”؟ وبالفعل تبلور ما سماه الكاتب المصري نصر حامد أبو زيد “التنوير الحكومي”، الذي بادر إلى إصدار القرار الجمهوري رقم 270 في عام 1952، لتأسيس وزارة ” الإرشاد القومي”. ومع حلول عام 1958، الذي شهد الوحدة بين مصر وسوريا، استُحدثت وزارات جديدة، وكان منها وزارة “الثقافة والإرشاد القومي” (9) ويبدو الهدف الرئيسي من التسمية، متعلّقا بتوجّه الحكومة للتعبئة القومية والحشد، وهذا معناه أن مجموعة المؤثّرين على الثقافة، تحوّلت إلى موظفين بيروقراطيين، تجدهم في السينما والمسرح والصحف والمجلات وهيئات الكُتّاب، وفي كل ما يتصل بتكوين العقل الإنساني.

بهذا الشكل نستطيع استخلاص ما كان يعنيه ويبتغيه “التنوير الحكومي”، بصدد صناعة نخبته ومجتمعه في آن واحد، إذ نجد مجموعات من الناس، تستهلك ما يقدمه التليفزيون (وكان عندها اختراعا جديدا) وجذبهم بعض المسلسلات، وخطب الزعيم، والاستعراضات الضخمة، والأحداث التي تٌنظّم في ستاد القاهرة، وهذا النوع “مستريح ومخدّر تماما، بأننا أفضل بشر على وجه الأرض، وأن مصر مركز الكون وقلب العروبة النابض، وأيضا “تلاعب أمريكا على الشناكل”، مثلما كان يقال. وهناك مديرو الثقافة، وهؤلاء يصنعون فنا ما، يشبه الدعاية السياسية، أكثر من كونه خلّاقا. ثم مجموعة مثقفين، كل الذين فعلوه أنهم اغتربوا عن الثقافة الحكومية السائدة، واتجه جزء منهم إلى التديّن والتصوف والعودة إلى التراث والبحث عن الأصالة؛ وجزء آخر إتجه إلى فلسفات اللامعقول واللامنتمي والاغتراب والوجودية” (10).

ما بعد الناصرية: كيف بات “التنوير” في عهد الرؤساء المؤمنين؟

منذ السبعينيات فصاعدا، ونتيجةً لتراجع الناصرية، وما مثّلته من مشروع توفيقي، بالمعنى السابق ذكره، وما خلقته من فراغ هائل في النفسية الاجتماعية، عادت الحيرة، ولكنها كانت مُحمّلة بمعان ومستجدات جديدة: النكبة، النكسة، الهزيمة والانكسار. ومُحمَّلة أيضا بفخ الوعود الهائلة، التي عجزت الناصرية عن الوفاء بها: التعليم المجاني والرعاية الصحية والمواد الغذائية والطاقة المدعومة. والتساؤلات التي تفجّرت، في ظل الحقبة الاستعمارية، عن الاستقلال والهوية والسيادة، إلخ.

كل تلك المشاكل لم تجد طريقها للإجابات، بل تراكمت عليها أسئلة وقضايا أخرى، ستؤسس لحالة الضياع العام، في فترة ما بعد الناصرية، ليصبح الأمر ليس ثنائية المثقف والسلطة، التي يحتكم إليها أغلب التفكير، بل علاقة المثقف بذاته وفكره (11) أي علاقته بالهوية التي يدَّعي حراستها، أو بالحقيقة التي يزعم الشهادة لها، أو بالحرية التي ينادي بها، أو بالمشروعية التي يحاول احتكارها، أو، في نهاية الأمر، بالسلطة التي يتوهّم أنه يقاومها.

باتت رهانات العصر الجديدة بعيدة كل البعد عن استملاك مفهوم لما يمكن أن يعنيه “التنوير”، وبالتالي لم تعد المسألة علاقة الدين بالدولة، أو الموقف من الحداثة فحسب، بل تزعزع أيضا ما تم تقديمه باعتباره “بديهيات”، تحكم علاقة الفرد بالدولة، وأصبحت “مسؤولية الدولة” نفسها محل شك. وإذا اعتبرنا التعليم المجاني خطوة على طريق التنوير العام في الماضي القريب، نجد في الحاضر تنامي لظاهرة “أمية المتعلمين”، بوصفها علامة بارزة على فشل التنوير الحكومي، على مستوى النخبة والمواطنين معا.

وعلى جانب آخر، ولرسم صورة أعمق للحراك الاجتماعي والثقافي منذ السبعينيات، أدت الطفرة الهائلة، التي سُميت “فورة النفط الخليجي”، لموجة ضخمة من الهجرة، إذ سافر ملايين المصريين إلى المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات. وفي غضون عقدين من الزمن، تسبّبت هذه التطورات في تغيير جذري في تركيبة ما كان يسمى “الطبقة الوسطى” في مصر، فقد كانت الفئات الاجتماعية المحافظة التقليدية تتسلّق السلم الاجتماعي، بينما يتم تصدير قيم ومذاهب متشددة، مثل الوهابية. الأمر الذي راهنت عليه سلطة الرئيس محمد أنور السادات وقتذاك، لإضعاف الأصوات القومية والشيوعية. وهكذا جاء دستور عام 1971، ليحوي حضورا للدين وأدواره، أكثر كثافة وتفصيلا مما كان عليه الحال في دستور 1964، فلأول مرة يُنصّ صراحة، داخل وثيقة دستورية منذ سنة 1923، على الشريعة بوصفها مصدرا لإنشاء القوانين والتشريعات، وبهذه الكيفية تلاقت تطلعات “الرئيس المؤمن” مع التحولات الاجتماعية والثقافية الناشئة.

أما بالنسبة للحراك الثقافي، فنجد دراسة صادرة عن “مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار”، التابع لرئاسة الوزراء المصرية، بعنوان “ماذا يقرأ المصريون؟ “، تبيّن أن نسبة 65٪ من الذين يواظبون على القراءة، مهتمون بقراءة الكتب الدينية. ربما يعكس هذا طبيعة الجمهور، الذي رغم عدم خلو الساحة من إصدارات وأعمال تشتبك مع الثقافة والتنوير، إلا أنه يبدو أميل لاستبعاد المعرفة النقدية، الأمر الذي أصبح طابع الذهنية العامة.

وفق هذا السياق تبرز المعضلة، التي يمكن تلخيصها تحت عنوان: “واقع السياسات وخيال الديانات” (12)، إذ أن مستوى السياسات، التي لا تلبي حاجات الوافع، تجعل دوما متطلبات الوجود الاجتماعي مؤجّلة، ثم يأتي دور خيال الديانات، ليبّرر هذا التأجيل.

يتمخّض عن التأجيل تأبيد مفاهيم وصيغ، تعزز حالة نفي الجدل الاجتماعي الموروث من العهد الناصري، على شاكلة “قيم الأسرة المصرية”، “الوطنية المصرية”، “الأمن القومي”، “الوسطية والاعتدال”، “الثوابت المجتمعية”، وغيرها من قوالب مُعدًة خصيصا لمواجهة أي هاجس فكري أو نقدي، إلا أن تحديد ما هو المقصود بالثوابت، أو ماهية “قيم الوطنية” مثلا، كلها تبقى معانٍ في الهواء، لا نعرف كيفية للإبقاء عليها أو تجاوزها.

بأتي كل من “تكوين” و”تحصين” في هذا الشرط الثقافي: سؤال “ما التنوير” العربي يتحوّل مجددا إلى سؤال “ماذا يحدث؟”، والذي يحدث بالضبط هو السياسات والديانات العاجزة عن تحقيق أو قول إي شيء. لا ندري ما الذي سيحققه “تكوين”، أو يدافع عنه “تحصين”، فالوضع ما يزال معلّقا منذ الفشل الذريع لسؤال ما “العمل؟”، والأزمة أعمق من “الثوابت” نفسها، التي يبدو أنها ثوابت العجز عن الإجابة.  

المراجع

(1)        صحوة المحكومين في مصر الحديثة، محمود حسين

(2)        نفس المصدر السابق

(3)        صورة الآخر، الطاهر لبيب

(4)        رحلة تاريخ الصحافة المصرية

(5)        الفكر العربي وصراع الأضداد، محمد جابر الأنصاري

(6)        نفس المصدر السابق

(7)        المجتمع والجيش، أنور عبد الملك

(8)        الفكر العربي وصراع الأضداد، محمد جابر الأنصاري

(9)        دراسة للسياسات الثقافية المصرية

(10)      الروافد الثقافية والاجتماعية والسياسية لجيل السبعينات، تحرير: فتحي إمبابي

(11)      أوهام النخبة، علي حرب

(12)      سوسيولوجيا الجمهور السياسي الديني، خليل أحمد خليل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
3 7 أصوات
تقييم المقالة
1 تعليق
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات
H misho
3 شهور

مقال يدس السم في العسل الاوطان جميعا تحمل بين طياتها الافضل و الأسوأ والخير والشر ولكن طبيعة مقالاتكم تنم عن حقد دفين للوطن العربي ومواطنية والإسلام عامة وكأن النموذج الغربي المادى الاستعمارى الفج فى الشذوذ الفكرى والجنسي والسياسي هو النموذج الأوحد للتحرر الشاذ الذى يراود مخيلاتكم المريضة فبرغم ثراء الغرب الفاحش وتقنيته الصناعية والزراعية التى تجعلها حكرا عليكم ولا تبيحون بتلك العلوم لغيركم بل لا تتيحوها سوى لبعض خواصكم من المجرمين لم تصدروا للعالم غير الشذوذ والاوبئىة والنمط الاستهلاكى وبالرغم من التقدم التقني فى بعض المجالات إلا أنكم فقراء فى جميع الجوانب الاجتماعية التى هى منبع الحياة اساسا واستقرارها لأن حياتكم قائمة على المنفعة الفردية وجميع الخصال الخسيسة كالقمار و المراهنات والربا والزنا الخ.. واستغلال الشعوب الضعيفة واستغلال مواطنيكم ذاتهم بدعوى الحريات المفقودة فإذا كان ذلك ظاهركم فما يوجد داخلكم ايها المجرمون وبعد ذلك تتكلم عن اوطان واديان متطورة عنك اجتماعيا ودينيا وعلمتكم علومها وانتم مازلتم فى غابات الظلام فالتخسأ ولتعلموا أنكم فى حضيض الأمم .